إدارة المشروعات - بين النظريه و التطبيق
كتبه أحمد طه
يعتبر علم إدارة المشروعات من العلوم الحديثة , حيت يجمع كثير من المؤرخين لهذا العلم ان إدارة المشروعات الحديثه كما نعرفها اليوم لم تظهر الا بعد الحرب العالمية الثانية, حيث يعتبر مشروع مانهاتن من اوائل ان لم يكن أول مشروع بالمعنى المعاصر .
ان علم إدارة المشروعات مثله مثل باقى العلوم الاخرى له العديد من النظريات و المدارس البحثية والتى تحاول وضع الاساس النظرى لهذا العلم . كما ان هذه النظريات - و ان كان بعضها لا يزال حديث العهد - تعمل على تفسير الأساس العلمى و النظرى لعلم إدارة المشروعات .
فى هذا المقال سوف نتناول بشئ من الشرح للمدارس البحثية الخاصة بعلم إدارة المشروعات و ذلك بهدف مساعدة مدير المشروع العربى على الاستفادة من الناحيه النظريه و تطبيق مفاهيم هذه النظريات اثناء ادارته للمشروع و ذلك من خلال الربط بين الجانب النظرى و الجانب التطبيقى.
المدارس البحثيه لعلم إدارة المشروعات:
يمكن القول بصفه عامه ان هناك تسع (9) مدارس بحثيه فى إدارة المشروعات:
الامــثـل ( ( Optimization school
الـنمـذجـه ( school Modeling )
الحـوكمه ( Governance school )
الـسـلـوك ( school Behavior )
الـنـجــاح ( Success school )
الـقـرار ( Decision school )
الـعـملـيـات ( Process school )
الطــوارئ ( Contingency school )
التـسـوـيق ( Marketing school )
المدرسة الأولى
ان الفكرة الأساسية فى هذه المدرسه هي أن المشروع هو عبارة عن نظام ينبغي أن يكون الأمثل. تستخدم هذه المدرسة منهج النظم ( System Approach ) لتخطيط ومراقبة المشروع و ذلك لوضع نموذج لبناء المشروع كما تعمل ايضا هذه المدرسه على وضع نظم لتحسين نتائج المشروع.
يستخدم الدليل المعرفى لإدارة المشروعات PMBOK هذه المدرسة أساسا لإدارة النطاق والوقت والتكلفة للمشروع. يعتبر يستخدم PMBOK لتقنية إدارة القيمة المكتسبة ( Earned value management ) لمعرفه و قياس أداء المشاريع هو احد تطبيقات هذه المدرسه.
المدرسة الثانية
الفكرة الأساسية فى هذه المدرسه تقوم على تقسيم المشروع إلى مكونات صغيرة، ثم القيام بدراسة وفهم كل عنصر على حده، ثم ربط كل المكونات مع بعضها البعض .كما تتناول هذه المدرسة ايضا قضايا لم تظهر في المدرسة الاولى مثل القضايا التنظيمية والسياسية والسلوكية ( organizational, political, and behavioral ) .
المدرسة الثالثة
تحتوى هذه المدرسة على مدرستين فرعيتين هما: الأولى تدرس العلاقة بين إدارة المشروع وإدارة العقود وذلك لضمان تنفيذ المشروع طبقا للعقد المبرم بين الطراف المتعاقده ، اما المدرسه الفرعيه الثانيه فهى ترى ان المشروع هو عبارة عن كيان قانوني في حد ذاته أو واجهة بين اثنين من الكيانات القانونية (العميل والمقاول) و هى تقوم بالتركيز على كيفيه تنفيذ المقاول للمشروع كما لو كان نائبا عن العميل بما يملكه من خبرة فى مجال تنفيذ الاعمال الموكله اليه ( المقاول ) .
المدرسة الرابـعـة
ترى هذه المدرسة ان المشروع هو عبارة عن كيان تنظيمى مؤقت و ان المشروع له هيكل تنظيمى مشابه للهيكل التنظيمى للمؤسسات . تقوم هذه المدرسه بالتركيز على موضوعات مثل القياده , التحفيز , كيفيه بناء فريق عمل المشروع , و التواصل بين افراد فريق المشروع .
المدرسه الخامــسه
تعتمد هذه المدرسه على دراسة كل من عوامل نجاح المشروع و معايير نجاح المشروع . عوامل نجاح المشروع تتمثل فى الظروف و الامكانيات و الوسائل التى تساعد مدير المشروع على تحقيق النجاح , تعتبر هذه العوامل سابقه على بدايه المشروع . اما معايير النجاح فهى المقاييس التى يمكن استخدامها سواء بواسطه مدير المشروع او اى من اصحاب المصلحه ( stakeholders ) للحكم على مدى نجاح المشروع ة تحقيقه للاهداف التى تم من اجلها انشاء هذا المشروع .
المدرسة الــسادسـة
تقوم هذه المدرسه بدراسه كيفيه اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار، والشروع فى انشاء المشروع ، وتمويل المشروع إكمال المشروع و إنهاء المشروع .كما تتناول هذه المدرسه العوامل البيئية المحيطة بالمشروع مثل العوامل السياسية والاقتصادية وتأثير هذه العوامل على مدى نجاح المشروع .
المدرسة الـسابـعــة
وتهدف هذه المدرسة الى تطوير عمليات منظمة و واضحة من بداية المشروع و حتى نهايته . ترى هذه المدرسة ان المشروع هو عبارة عن عمليه منظمه يمكن استخدامها لحل مشاكل معينة و / أو لتحقيق أهداف معينة . يرى بعض المحللين ان الدليل المعرفى لإدارة المشروعات PMBOK هو احد تطبيقات هذه المدرسه حيث انه يتكون من مجموعه من العمليات المرتبطه مع بعضها البعض و ذلك بهدف الوصول الى النتيجه النهائيه للمشروع .
المدرسة الـثـامنـة
تهدف هذه المدرسة لدراسة الفروق بين أنواع مختلفة من المشاريع حيث ترى أن كل مشروع يحتاج إلى طريقة مختلفة في أساليب الإدارة والقيادة. ينصب التركيز الرئيسي لهذه المدرسه على كيفيه وضع نظام لتصنيف المشروعات وكيف يمكن للمنظمة استخدام التجربة السابقة و الاستفاده منها لإدارة المشروع الجديد .
المدرسة الـتـاسـعـــة
تقوم هذه المدرسة بدراسه مواضيع مثل تحديد أصحاب المصلحة وإدارة المتطلبات . كما تهتم بتحديد و دراسه العلاقة بين المشروع وأصحاب المصلحة (مثل العميل والمقاول) ، حيث تسعى هذه المدرسه لبناء و تحديد العلاقات بين المشروع والأهداف الاستراتيجية للمنظمة .
للوهله الأولى قد تبدو هذه المدارس بعيده عن بعضها البعض و ان كل مدرسة بحثيه تهتم بشئ منفصل عن المدارس الاخرى , بالرغم ان هذا التصور قد يكون صحيح بشكل جزئى إلا إنه فى الحقيقه ان هذه المدارس تتداخل مع بعضها البعض فى كثير من الاحيان . فعلى سبيل المثال ظهور مدرسه الـسـلـوك ( school Behavior ) كان كرد فعل للمدرسه المثاليه ( Optimization school ) .
ان التطبيق الصحيح و المستمر للنظريات و الابحاث الخاصه بكل مدرسه هو احد اهم الوسائل لتطبيق علم إدارة المشروعات , و لتوضيح ذلك سوف نوضح مثالا بسيطا لكل مدرسه بحثيه .
الامــثـل (Optimization school): تطبيق مفاهيم هذه المدرسه يساعد مدير المشروع فى تقدير الوقت و التكلفه المطلوبين للمشروع و كيفيه تطوير المخطط الشبكى للمشروع . لهذا فان هذه المدرسه مناسبه لحل المشاكل الخاصه بتقدير الوقت , التكلفه و كيفيه إدارة موارد المشروع .
الـنمـذجـه ( school Modeling ): تعتبر الابحاث و النظريات الخاصه بهذه المدرسه من اهم الوسائل التى يمكن اتباعها فى إدارة المشروعات العملاقه و التى قد تحتوى فى مراحل كثيرة منها على تقنيات حديثه تستخدم لاول مرة , حيث انها تفيد مدير المشروع فى كيفيه تقسيم المشروع الى اجزاء صغيرة ( مراحل ) و التعامل مع كل جزء على انه مشروع مستقل.
الحـوكمه ( Governance school ): يمكن استخدام هذه المدرسه لوضع و تطوير السياسات الخاصه بكيفه ضمان تنفيذ المشروع طبقا لمعايير الخاصه بالشركه و ايضا مدى مطابقه المشروع للمعايير العالميه . كما يمكن استخدام هذه المدرسه لعلاج المشاكل التى تظهر كنتيجه لسوء صياغه العقود بين اطراف المشروع.
الـسـلـوك ( school Behavior ): تعتبر هذه المدرسه من اهم المدارس التى يجب ان يوليها مدير المشروع عنايه خاصه فهى تبحث فى كيفيه إدارة ة التعامل مع اهم موارد المشروع على الاطلاق : الانسان (فريق العمل). كيفيه التعامل مع فريق العمل , فهم طبيعه كل شخص , دوافعه حينما يقوم بعمل او تصرف معين , الطرق الامثل لتطوير و تحفيذ افراد الفريق و استخراج افضل ما لديهم لصالح المشروع و لصالحهم ايضا .
الـنـجــاح ( Success school ): ان مشروع بدون هدف هو سفينه بدون دفه . ان اول و اهم سؤال يجب ان يسأله مدير المشروع هو : لماذا نقوم بتنفيذ هذا المشروع ؟ كيف يمكن تحديد و قياس نجاح المشروع ؟ هذه المدرسه تساعد مدير المشروع منذ اللحظه الاولى على تحديد عوامل نجاح المشروع و ما هى الاسس التى يمكن بناء عليها الحكم بنجاح المشروع .
الـقـرار ( Decision school ): من اهم العوامل التى تساعد فى نجاح المشروع هى قدرة الشركه على اختيار المشروع الصحيح المناسب و القادر على تحيق الخطه الاستراتيجيه للشركه . تساعد هذه المدرسه فى توجيه الشركه على كيفيه اختيار المشاريع التى تسهم فى تحقيق الاهداف الاستراتيجيه للشركه . ان الشركات التى تعانى من مشاكل فى كيفيه توجيه استثماراتها و ما تملكه من امكانيات و موارد يجب عليها الاهتمام بهذه المدرسه البحثيه لمساعدتها فى كيفيه انشاء المشروع و دراسه الظروف البيئيه المحيطة بالمشروع مثل الظروف السياسية والاقتصادية وتأثير هذه الظروف على مدى نجاح المشروع .
الـعـملـيـات ( Process school ): تعتبر هذه المدرسه بابحاثها هى الحل الامثل للشركات التى تبحث عن توحيد الاسلوب و المنهج المتبع فى تفيذ المشاريع المختلفه . تساعد هذه المدرسه على فهم طبيعه العميات من حيث مدخلاتها , ادواتها , فترة التنفيذ , مخرجات كل عمليه و الإدارة او الادارات المشتركه فى تنفيذ العمليه .
الطــوارئ ( Contingency school ): نظرا لاختلاف المشاريع من حيث الوقت , التكلفه , الظروف , طبيعه العميل , افراد فريق المشروع فانه من المناسب و الافضل للشركه ان تقوم بتطوير نظام اتنظيم و ترتيب المشاريع التى تقوم بتنفيذها . فمثلا مشاريع الابحاث و التطوير تحتاج الى مدير مشروع وفريق عمل ذات قدرات ابداعيه اكثر من المشاريع النمطيه التى سبق للشركه تفيذها اكثر من مرة , ايضا المشاريع ذات نسبه المخاطر المرتفعه قد تحتاج الى اسلوب إدارة مختلف عن المشاريع ذات نسبه المخاطر المنخفضه . تساعد هذه المدرسه فى بناء نموذج لتصنيف المشاريع و الاستفاده من الخبرات السابقه .
التـسـويـق ( Marketing school ): لان المشاريع تحتوى على عدد غير قليل من اصحاب المصالح و لكل منهم اهداف و متطلبات مختلفه , لذا يجب على مدير المشروع فهم طبيعه كل جهه منهم و العمل على التاكد من ان المشروع يحقق الهدف المنشود من وجهه نظر كل صاحب مصلحه . تعتبر هذه المدرسه هى االنسب لمدير المشروع للتعامل مع المشاكل التى قد تظهر نتيجه عدم تحديد نطاق المشروع بالشكل الانسب , كما انها تساعد فى فهم و دراسه و تحليل اصحاب المصلحه فى المشروع و تحديد الطرق المناسبه لحل النزاعات التى قد تنشأ بينهم نتيجه اختلاف الاهداف و التوجهات .